المشكلة اليوحناوية
بينما نجد أن الأناجيل الثلاث الأولي متي ومرقص ويوحنا يوجد قدر من التشابه في الأطار الخارجي للأحداث التي حدثت فيهم مما حدا بالعالم الألماني جريسباخ لوضع ما يعرف بالمسآلة أو المشكلة الأزائية فقد لاحظ أن الأناجيل الثلاثة الأولي تتشابه في الأطار الخارجي للأحداث ولكنها تختلف في التفاصيل القيقة الخاصة بكل حدث
ولكن العلماء وجدو أن أنجيل يوحنا يختلف تماما عن الأناجيل الثلاثة الأولي فيما يعرف بالمشكلة اليوحناوية لذا سأنقل لكم ماكتبه العالم والاهوتي الكبير (Louis Berkhof )عن هذه المشكلة في كتابه مقدمة العهد الجديد
Introduction to the New Testament by Louis Berkhof page 22-28
أنه بعد ملاحظة التشابه الشديد بين الأناجيل الثلاثة ءالا أنه يظهر الفارق الشديد بين هذه الأناجيل وأنجيل يوحنا فأنه حتي العقول غير المدربة يمكنها ملاحظة هذا الفارق لأن الفارق كبير جدا ءان هذا هو ما يعرف بالمشكلة اليوحناوية the Johannine Problem
وهذا الفرق يظهر علي مستويين المستوي الأول فيما يتعلق بالأطار الخارجي للأحداث والمستوي الثاني هو الأختلافات المتعلقة بشكل ومحتوي تعاليم المسيح
1- أختلافات تتعلق بالأطار الخارجي للأحداث
وفقا للأناجيل الأزائية (مرقص ومتي ولوقا )فأن مركز نشاط المسيح هو منطقة الجليل فقد عاد ءاليها بعد سجن يوحنا المعمدان والظاهر أنها لم يعد ءالي اليهودية ءالي في الأحتفال بعيد الفصح الأخير لكن الأمر يختلف تماما في أنجيل يوحنا فهناك القليل جدا عن فترة وجود المسيح في الجليل وترتكز أنشطة المسيح في منطقة اليهودية ويستمر الكاتب علي هذا المنوال فأن معظم كلام يوحنا هو عن منطقة القدس
ثانيا ءان الأناجيل الثلاثة الأولي تذكر عيدا واحدا للفصح خلال الفترة التي عاشها المسيح علي الأرض مما قاد الكثيرين ءالي الأقتناع بأن مدة دعوة المسيح علي الأرض كانت سنة واحدة بينما نجد أنجيل يوحنا يذكر ثلاثة أعياد للفصح وبهذا تكون فترة دعوة المسيح كانت علي الأقل سنتين أوثلاث سنوات
ثالثا الأشخاص الذين تعامل معهم المسيح في البداية يختلفون في أنجيل يوحنا عنهم في الأناجيل الأزائية فنجد أنه في البداية ذهب الي الفلاحين في منطقة الجليل ليبشرهم بأنجيل الملكوت بينما نجد في الأنجيل الرابع يتعامل المسيح مع قادة اليهود ممثلين في الكتبه والفريسيين والكهنة في البداية وهو غالبا يتعامل مع ألقاب أو أوصاف لاتوجد أسماء أما في الأناجيل الأيزائية نجد أننا نتعامل مع أسماء واضحة مثل فيليب ونثنائيل والمرآة السامرية ومريم المجدلية وتوما
رابعا سلوك اليهود نحو المسيح يبدو مختلف تماما في الأناجيل الأزائية عنه في أنجيل يوحنا فوفقا للأناجيل الأيزائية فأن المسيح حقق نجاحا باهرا في البداية وأحتشدت الجماهير خلفه مسرورين يسماع تعاليمه والتعجب من أعماله ومعجزاته وبمجرد ما اظهر أنه لما يأت لتحقيق مملكة أرضية حتي فترت الحمية الدينية للجماهير التي كانت حوله وهنا بدأ يخبر تلاميذه عن معاناته وموته أما في أنجيل يوحنا فأنه منذ بداية دعوة المسيح في القدس فأن قلوب اليهود كانت مملؤة بالعداء نحوه وأخذ هذا العداء ينمو تدريجيا حتي يصل الي منتهاه بعد أحياؤه ءالعازر ثم يصل الي قضية صلب رب المجد
هناك أيضا العديد من التفاصيل التي لايتوافق فيها أنجيل يوحنا مع الأناجيل الثلاثة الأيزائية نذكر منها علي سبيل المثال حادثة تطهير الهيكل ( من الصيارفة وباعة الحمام) جائت في الأناجيل الأزائية في نهاية فترة دعوة المسيح بينما في أنجيل يوحنا ذكرت في البداية
نجد أيضا الصورة قبل موت المسيح (المزعوم ) نجد أن الأناجيل الأيزائية نقلت لنا الأيحاء بأن المسيح أكل الفصح في ليلة 14 نيسان وبذلك يكون صلب في اليوم ال15 من نيسان بينما أنجيل يوحنا يخبرنا أن المسيح أكل الفصح قبل موعده بيوم ومات يوم عيد الفصح كرمز لخروف الفصح المذبوح
النوع الثاني أختلافات تتعلق بشكل ومحتوي تعاليم المسيح
في الأناجيل الأيزائية نجد أن كلام المسيح عبارة عن أقوال قصيرة قد ترتبط في بعض الأحيان وفي أحيان أخري لاترتبط بما سبقها أولحقها بينما في أنجيل يوحنا نجد حوارات طويلة مرتبطة بالمعجزات والأيات التي صنعها المسيح نجد في الأناجيل الثلاثة الأيزائية عدد كبير من الأمثال والحكايات الرمزية وهذا الأمر غائب تماما من الأنجيل الرابع ونجد بدل منه أستعمال قليل للمجاز مثل كلامه عن باب الخراف والراعي الصالح والكرمة الحقيقية أيضا أسلوب كتابة أنجيل يوحنا أكثر عبرية (بالأحري آرامية ) من الأناجيل الثلاثة فالجمل مختصرة البناء اللغوي بسيط وعادة ما ترتبط الجمل بعضها ببعض عن طريق حرف العطف (كما سبق بيانه في عند الحديث عن اللغة التي كتب بها أنجيل يوحنا) هذا الأسلوب يتواصل أيضا في خطب ومقالات المسيح مما يجعل من الصعب بل من المستحيل تحديد أين ينتهي كلام المسيح ويبدأ كلام الكاتب أو العكس ويلاحظ هذا خاصة في الفصل الثالث
2 الخلاف في محتوي تعاليم المسيح
هناك أختلاف واضح بين الأناجيل الأيزائية وأنجيل يوحنا في محتوي تعاليم المسيح ففي الأناجيل الأيزائية فأن محور تاعاليم المسيح هو مملكة الله فهو يتكلم عن أصلها وطبيعتها وسكانها وملكها وشروط دخولها وأخلاق من يدخلوها وأعدائها ومستقبل مجدها وعلي العكس في أنجيل يوحنا فأن مملكة الله لم تذكر ءالا مرة أيضا في الحوار بين المسيح ونيقوميدس فأن المسيح هو محور النقاش في أنجيل يوحنا فالمسيح يتكلم عن اصله السماوي وعن شخصيته وعن عودته في مجده فهو يقدم نفسه لليهود علي أنه المسيح بن الله المن النازل من السماء ماء الحياة المحرر الحقيقي نور العالم الراعي الصالح القيامة والحياة بينما في الأناجيل الثلاثة الأيزائية نجد المسيح يتكلم عن نفسه في عدة مناسبات فقط وايضا في نهاية فترة خلافته علي الأرض وبالربط بين الأثنين نجد أن كشف المسيح
غن ذاته سواء بكلماته أو بأعماله يختلف في الأناجيل الثلاثة عن الأنجيل الرابع في السابق بدأ المسيح بالكلام عن المملكة ويذكر
القليل عن الملك (يعني ملك هذه المملكة اي المسيح نفسه)وتدريجيا يعلن ويكشف عن شخصيته الحقيقية وبعد فترة طويله من خلافته علي الأرض يغلن بطرس ان المسيح هو بن الله الحي فقط في الأسبوع الأخير من حياته يتكلم بوضوح عن مسيانيته وانه هو المسيح المرسل من الله بينما في أنجيل يوحنا بينما في أنجيل يوحنا كل شيء واضح منذ البداية فيوحنا المعمدان تكلم عن المسيح علي انه حمل الله الذي آتي ليرفع خطية العالم وفي حديثالمسيح مع السامرية قال عن نفسه انه هو اي المسيح ولليهود في الأحتفال بالعيد تكلم بوضوح عن العلاقة الفريدة بينه وبين الأب وهذا يرتبط ارتباط وثيق بحقية اخري ففي الأناجيل الثلاثة الأيزائية فأن بشرية المسيح بارزة جدا فنحن نلمحها في انه المخلص الذي له نفس طبيعتنا يشاركنا عيوبنا بل ويغوي مثلنا بأستثناء أنه بلا خطية بينما في الأنجيل الرابع نجد الأمر علي النقيض فهو يتكلم عن الألوهية في بداية الأنجيل (في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله)
فهو يضربنا منذ البداية بالمعجزات التي فعلها المسيح ليعلن بها عن مجده وايضا في الخطابات التي يتكلم فيها عن طبيعته الأساسية وعن اصله الممجد وعن عودته في مجده الذي يملكه منذ خلق العالم وايضا كلام توما ربي وءالهي
هناك الكثير من النقد الذي حول هذه الأختلافات الي تناقضات ووجد فيها الأرضية التي استند عليها في نسبة هذا الأنجيل الي يوحنا قائلين بأن انجيل يوحنا كتبه لاهوتي متحيز استمد وحيه من الخلاف الدائر في القرن الثاني عن شخصية المسيح حجر العثرة بالنسبة لهم هو التعاليم الواضحة التي تتكلم عن آلوهية المسيح لذا فقد تمسك النقاد بأن هذه التعاليم هي ثمرة للأفتراضات الاهوتية المسيقة التي دفعت المؤلف للكتابة
هناك ظلال من الشك حول محاولات تفسير العديد من الميزات التي تشكل بنية هذا الأنجيل هذه التفسيرات منها ما هو حقيقي ومنها ما هو مزيف بل أنه حتي العالم ديفدسون((Davidsonفي محاولته لتبرير الخلاف بين الأناجيل الثلاثة وانجيل يوحنا حاول ان يصل بنسبة التشابه بين انجيل يوحنا والأناجيل الثلاثة الي الثلث
وهكذا نري أن المشكلة اليوحناوية صارت هي ايضا لغز مثلها مثل المشكلة الأيزائية التي مازال الاهوتيون يحاولون حتي الأن أيجاد حل لها مما يجلعني أضم صوتي ءالي صوت الدكتور القس فهيم عزيز في كتابه مدخل لدراسة العهد الجديد حيث يقول لكن الكلام عن الكاتب هذا السؤال يحتاج ءالي دراسة غالبا ما تنتهي بعبارة ءان الله وحده يعلم من كاتب هذا الأنجيل(المدخل ءالي العهدالجديد ص 546فهيم عزيز دار الثقافة) بل وحتي العالم روبرت جرانت يقول أنه خاصة في القرن العشرين فأن الدارسين أشارو ءالي أن انجيل يوحنا لايقف علي ارضية ثابتة كما يظن البعض وأنه قد تم جمعه وترجمته بواسطة محرر وسواء كان المحرر أو المؤلف (يوحنا) فقد اعتمد علي مجموعة من المصادر القديمة يمكن أكتشافها ولكن يجب التأكيد علي أنه ليست كل هذه النظريات جديدة فمثلا العالم أوريجن كان علي علم بالصعوبات الموجودة في هذا الأنجيل لذا فقد قال أن الرسول يعني يوحنا قد أهتم بالحقائق الروحية أكثر من أهتمامه بالوقائع التاريخية في كتابة الأنجيل لذا فالأهتمام حديثا بمحاولة أعطاء تفسير تاريخي لهذه الظاهرة
يقول العالم رالف بولتمان أن ترتيب الأحداث في أنجيل يوحنا ليس صحيح تماما فمثلا في الأصحاح السادس من الأنجيل يوحنا1:6
وبعد هذا ذهب يسوع الي الجانب الأخر من بحر الجليل ولكن طبقا للأصحاح السابق (الأصحاح الخامس )فأن المسيح كان في القدس يعني في نفس المكان الذي من المفترض أنه ذهب اليه فلم يكن هناك حاجة لذهابه الي الشاطيء الأخر من الجليل لأنه موجود هناك بالفعل بالمثل يوحنا7(15-24)لاتنتمي للموقع الذي تحدث فيه الأحداث بل الأصوب ان يكون هذا الجزء في الفصل الخامس ربما في النهاية وهكذا تتماشي الفقرات من يوحنا 7(1-14)مع الفقرات يوحنا(7-25)حتي النهاية
Rudolf Bultmann.(Die Religion in Geschichte und Gegenwart [ed. 3,1959], III 840-1.)
أيضا من أقوي البراهين علي أن هذا الأنجيل لم يكتبه يوحنا هو بطء الكنيسة في قبول هذا الأنجيل فالغلماء لم يستطيعو أن يعتمدو علي ءايريناؤوس في شهادته فجاستن مارتر(يوستينوس الشهيد)وقد كتب في منتصف القرن الثاني الميلادي لم يذكر ولم يشر ءالي الأنجيل وعندما يتكلم عن يوحنا الرسول فأنه لايشير ءالي الأنجيل نفسه مع أنه ينسب ءاليه سفر الرؤيا فيوحنا الرسول هو يوحنا المذكور في سفر الروؤيا 4(9:1) ولكنه ليس يوحنا الأنجيلي كذلك في سنة 165 يقتبس فيلمو الذي من ساردس (عن آلالام المسيح)في عظاته من الأنجيل ولكن دون أن يشير ءالي كاتبه وحتي قائمة المورتوراي لاتعطي تأكيدا قاطعا عن أن يوحنا الرسول هو كاتبه ويقول يوسابيوس أن بابياس يذكر أثنين أسمهما يوحنا الأول الرسول وقد مات والثاني الشيخ وهو حي ويلوح أنه هو الذي كتب الأنجيل (المدخل ءالي العهد الجديد فهيم عزيز ص 551)
من هذه الشواهد كلها يمكن أن نستخلص عدة أمور
1 أنه هو الشخص الذي شهد بهذا وكتب هذا وهذه شهادة الأنجيل نفسه
2 قد يكون هذا الشخص هو يوحنا بن زبدي ولكن هناك صعوبات جمة أمام هذا الرآي أهمها أنه أنسان من أورشليم وليس من الجليل كيوحنا بن زبدي والدليل علي ذلك أنه كان معروفا في بيت رئيس الكهنة ءاذا كان هو نفسه التلميذ الأخر (15:18) ولابد أنه يمتلك بيتا أخذ ءاليه هذا التلميذ العذراء وقت الصلب وبقيت معه يو19(27:26)
3 قد يكون شابا صغيرا من أورشليم ضم نفسه ءالي التلاميذ وقد كان محبوبا نشطا وهذا يظهر من ظهوره المتأخر في الأنجيل
(23:13) وأنه كان صغيرا في السن ءاذ ءاستطاع أن يسبق بطرس في الجري ءالي القبرالخالي (4:20) ولكن من هو لا أحد يعرف
4 نظرا لهذا الغموض فقد ظهرت نظرية تقول ءان التلميذ الذي كان يسوع يحبه هو التلميذ المثالي الذي يمثل التلمذة الحقيقية ولكن لم يكن له وجود حقيقي بين التلاميذ (المدخل ءالي العهد الجديد فهيم عزيز ص 554) هذا بالأضافة ءالي النظرية التي ذكرها الأب متي المسكين في آخر تفسيره لأنجيل يوحنا أن أغلب المفسرين قالو بأن هناك جماعة أو مدرسة كتبت نهاية هذا الأنجيل وهذا سبب في تحاشي البعض تفسير هذه النهاية.
والله من وراء القصد
بينما نجد أن الأناجيل الثلاث الأولي متي ومرقص ويوحنا يوجد قدر من التشابه في الأطار الخارجي للأحداث التي حدثت فيهم مما حدا بالعالم الألماني جريسباخ لوضع ما يعرف بالمسآلة أو المشكلة الأزائية فقد لاحظ أن الأناجيل الثلاثة الأولي تتشابه في الأطار الخارجي للأحداث ولكنها تختلف في التفاصيل القيقة الخاصة بكل حدث
ولكن العلماء وجدو أن أنجيل يوحنا يختلف تماما عن الأناجيل الثلاثة الأولي فيما يعرف بالمشكلة اليوحناوية لذا سأنقل لكم ماكتبه العالم والاهوتي الكبير (Louis Berkhof )عن هذه المشكلة في كتابه مقدمة العهد الجديد
Introduction to the New Testament by Louis Berkhof page 22-28
أنه بعد ملاحظة التشابه الشديد بين الأناجيل الثلاثة ءالا أنه يظهر الفارق الشديد بين هذه الأناجيل وأنجيل يوحنا فأنه حتي العقول غير المدربة يمكنها ملاحظة هذا الفارق لأن الفارق كبير جدا ءان هذا هو ما يعرف بالمشكلة اليوحناوية the Johannine Problem
وهذا الفرق يظهر علي مستويين المستوي الأول فيما يتعلق بالأطار الخارجي للأحداث والمستوي الثاني هو الأختلافات المتعلقة بشكل ومحتوي تعاليم المسيح
1- أختلافات تتعلق بالأطار الخارجي للأحداث
وفقا للأناجيل الأزائية (مرقص ومتي ولوقا )فأن مركز نشاط المسيح هو منطقة الجليل فقد عاد ءاليها بعد سجن يوحنا المعمدان والظاهر أنها لم يعد ءالي اليهودية ءالي في الأحتفال بعيد الفصح الأخير لكن الأمر يختلف تماما في أنجيل يوحنا فهناك القليل جدا عن فترة وجود المسيح في الجليل وترتكز أنشطة المسيح في منطقة اليهودية ويستمر الكاتب علي هذا المنوال فأن معظم كلام يوحنا هو عن منطقة القدس
ثانيا ءان الأناجيل الثلاثة الأولي تذكر عيدا واحدا للفصح خلال الفترة التي عاشها المسيح علي الأرض مما قاد الكثيرين ءالي الأقتناع بأن مدة دعوة المسيح علي الأرض كانت سنة واحدة بينما نجد أنجيل يوحنا يذكر ثلاثة أعياد للفصح وبهذا تكون فترة دعوة المسيح كانت علي الأقل سنتين أوثلاث سنوات
ثالثا الأشخاص الذين تعامل معهم المسيح في البداية يختلفون في أنجيل يوحنا عنهم في الأناجيل الأزائية فنجد أنه في البداية ذهب الي الفلاحين في منطقة الجليل ليبشرهم بأنجيل الملكوت بينما نجد في الأنجيل الرابع يتعامل المسيح مع قادة اليهود ممثلين في الكتبه والفريسيين والكهنة في البداية وهو غالبا يتعامل مع ألقاب أو أوصاف لاتوجد أسماء أما في الأناجيل الأيزائية نجد أننا نتعامل مع أسماء واضحة مثل فيليب ونثنائيل والمرآة السامرية ومريم المجدلية وتوما
رابعا سلوك اليهود نحو المسيح يبدو مختلف تماما في الأناجيل الأزائية عنه في أنجيل يوحنا فوفقا للأناجيل الأيزائية فأن المسيح حقق نجاحا باهرا في البداية وأحتشدت الجماهير خلفه مسرورين يسماع تعاليمه والتعجب من أعماله ومعجزاته وبمجرد ما اظهر أنه لما يأت لتحقيق مملكة أرضية حتي فترت الحمية الدينية للجماهير التي كانت حوله وهنا بدأ يخبر تلاميذه عن معاناته وموته أما في أنجيل يوحنا فأنه منذ بداية دعوة المسيح في القدس فأن قلوب اليهود كانت مملؤة بالعداء نحوه وأخذ هذا العداء ينمو تدريجيا حتي يصل الي منتهاه بعد أحياؤه ءالعازر ثم يصل الي قضية صلب رب المجد
هناك أيضا العديد من التفاصيل التي لايتوافق فيها أنجيل يوحنا مع الأناجيل الثلاثة الأيزائية نذكر منها علي سبيل المثال حادثة تطهير الهيكل ( من الصيارفة وباعة الحمام) جائت في الأناجيل الأزائية في نهاية فترة دعوة المسيح بينما في أنجيل يوحنا ذكرت في البداية
نجد أيضا الصورة قبل موت المسيح (المزعوم ) نجد أن الأناجيل الأيزائية نقلت لنا الأيحاء بأن المسيح أكل الفصح في ليلة 14 نيسان وبذلك يكون صلب في اليوم ال15 من نيسان بينما أنجيل يوحنا يخبرنا أن المسيح أكل الفصح قبل موعده بيوم ومات يوم عيد الفصح كرمز لخروف الفصح المذبوح
النوع الثاني أختلافات تتعلق بشكل ومحتوي تعاليم المسيح
في الأناجيل الأيزائية نجد أن كلام المسيح عبارة عن أقوال قصيرة قد ترتبط في بعض الأحيان وفي أحيان أخري لاترتبط بما سبقها أولحقها بينما في أنجيل يوحنا نجد حوارات طويلة مرتبطة بالمعجزات والأيات التي صنعها المسيح نجد في الأناجيل الثلاثة الأيزائية عدد كبير من الأمثال والحكايات الرمزية وهذا الأمر غائب تماما من الأنجيل الرابع ونجد بدل منه أستعمال قليل للمجاز مثل كلامه عن باب الخراف والراعي الصالح والكرمة الحقيقية أيضا أسلوب كتابة أنجيل يوحنا أكثر عبرية (بالأحري آرامية ) من الأناجيل الثلاثة فالجمل مختصرة البناء اللغوي بسيط وعادة ما ترتبط الجمل بعضها ببعض عن طريق حرف العطف (كما سبق بيانه في عند الحديث عن اللغة التي كتب بها أنجيل يوحنا) هذا الأسلوب يتواصل أيضا في خطب ومقالات المسيح مما يجعل من الصعب بل من المستحيل تحديد أين ينتهي كلام المسيح ويبدأ كلام الكاتب أو العكس ويلاحظ هذا خاصة في الفصل الثالث
2 الخلاف في محتوي تعاليم المسيح
هناك أختلاف واضح بين الأناجيل الأيزائية وأنجيل يوحنا في محتوي تعاليم المسيح ففي الأناجيل الأيزائية فأن محور تاعاليم المسيح هو مملكة الله فهو يتكلم عن أصلها وطبيعتها وسكانها وملكها وشروط دخولها وأخلاق من يدخلوها وأعدائها ومستقبل مجدها وعلي العكس في أنجيل يوحنا فأن مملكة الله لم تذكر ءالا مرة أيضا في الحوار بين المسيح ونيقوميدس فأن المسيح هو محور النقاش في أنجيل يوحنا فالمسيح يتكلم عن اصله السماوي وعن شخصيته وعن عودته في مجده فهو يقدم نفسه لليهود علي أنه المسيح بن الله المن النازل من السماء ماء الحياة المحرر الحقيقي نور العالم الراعي الصالح القيامة والحياة بينما في الأناجيل الثلاثة الأيزائية نجد المسيح يتكلم عن نفسه في عدة مناسبات فقط وايضا في نهاية فترة خلافته علي الأرض وبالربط بين الأثنين نجد أن كشف المسيح
غن ذاته سواء بكلماته أو بأعماله يختلف في الأناجيل الثلاثة عن الأنجيل الرابع في السابق بدأ المسيح بالكلام عن المملكة ويذكر
القليل عن الملك (يعني ملك هذه المملكة اي المسيح نفسه)وتدريجيا يعلن ويكشف عن شخصيته الحقيقية وبعد فترة طويله من خلافته علي الأرض يغلن بطرس ان المسيح هو بن الله الحي فقط في الأسبوع الأخير من حياته يتكلم بوضوح عن مسيانيته وانه هو المسيح المرسل من الله بينما في أنجيل يوحنا بينما في أنجيل يوحنا كل شيء واضح منذ البداية فيوحنا المعمدان تكلم عن المسيح علي انه حمل الله الذي آتي ليرفع خطية العالم وفي حديثالمسيح مع السامرية قال عن نفسه انه هو اي المسيح ولليهود في الأحتفال بالعيد تكلم بوضوح عن العلاقة الفريدة بينه وبين الأب وهذا يرتبط ارتباط وثيق بحقية اخري ففي الأناجيل الثلاثة الأيزائية فأن بشرية المسيح بارزة جدا فنحن نلمحها في انه المخلص الذي له نفس طبيعتنا يشاركنا عيوبنا بل ويغوي مثلنا بأستثناء أنه بلا خطية بينما في الأنجيل الرابع نجد الأمر علي النقيض فهو يتكلم عن الألوهية في بداية الأنجيل (في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله)
فهو يضربنا منذ البداية بالمعجزات التي فعلها المسيح ليعلن بها عن مجده وايضا في الخطابات التي يتكلم فيها عن طبيعته الأساسية وعن اصله الممجد وعن عودته في مجده الذي يملكه منذ خلق العالم وايضا كلام توما ربي وءالهي
هناك الكثير من النقد الذي حول هذه الأختلافات الي تناقضات ووجد فيها الأرضية التي استند عليها في نسبة هذا الأنجيل الي يوحنا قائلين بأن انجيل يوحنا كتبه لاهوتي متحيز استمد وحيه من الخلاف الدائر في القرن الثاني عن شخصية المسيح حجر العثرة بالنسبة لهم هو التعاليم الواضحة التي تتكلم عن آلوهية المسيح لذا فقد تمسك النقاد بأن هذه التعاليم هي ثمرة للأفتراضات الاهوتية المسيقة التي دفعت المؤلف للكتابة
هناك ظلال من الشك حول محاولات تفسير العديد من الميزات التي تشكل بنية هذا الأنجيل هذه التفسيرات منها ما هو حقيقي ومنها ما هو مزيف بل أنه حتي العالم ديفدسون((Davidsonفي محاولته لتبرير الخلاف بين الأناجيل الثلاثة وانجيل يوحنا حاول ان يصل بنسبة التشابه بين انجيل يوحنا والأناجيل الثلاثة الي الثلث
وهكذا نري أن المشكلة اليوحناوية صارت هي ايضا لغز مثلها مثل المشكلة الأيزائية التي مازال الاهوتيون يحاولون حتي الأن أيجاد حل لها مما يجلعني أضم صوتي ءالي صوت الدكتور القس فهيم عزيز في كتابه مدخل لدراسة العهد الجديد حيث يقول لكن الكلام عن الكاتب هذا السؤال يحتاج ءالي دراسة غالبا ما تنتهي بعبارة ءان الله وحده يعلم من كاتب هذا الأنجيل(المدخل ءالي العهدالجديد ص 546فهيم عزيز دار الثقافة) بل وحتي العالم روبرت جرانت يقول أنه خاصة في القرن العشرين فأن الدارسين أشارو ءالي أن انجيل يوحنا لايقف علي ارضية ثابتة كما يظن البعض وأنه قد تم جمعه وترجمته بواسطة محرر وسواء كان المحرر أو المؤلف (يوحنا) فقد اعتمد علي مجموعة من المصادر القديمة يمكن أكتشافها ولكن يجب التأكيد علي أنه ليست كل هذه النظريات جديدة فمثلا العالم أوريجن كان علي علم بالصعوبات الموجودة في هذا الأنجيل لذا فقد قال أن الرسول يعني يوحنا قد أهتم بالحقائق الروحية أكثر من أهتمامه بالوقائع التاريخية في كتابة الأنجيل لذا فالأهتمام حديثا بمحاولة أعطاء تفسير تاريخي لهذه الظاهرة
يقول العالم رالف بولتمان أن ترتيب الأحداث في أنجيل يوحنا ليس صحيح تماما فمثلا في الأصحاح السادس من الأنجيل يوحنا1:6
وبعد هذا ذهب يسوع الي الجانب الأخر من بحر الجليل ولكن طبقا للأصحاح السابق (الأصحاح الخامس )فأن المسيح كان في القدس يعني في نفس المكان الذي من المفترض أنه ذهب اليه فلم يكن هناك حاجة لذهابه الي الشاطيء الأخر من الجليل لأنه موجود هناك بالفعل بالمثل يوحنا7(15-24)لاتنتمي للموقع الذي تحدث فيه الأحداث بل الأصوب ان يكون هذا الجزء في الفصل الخامس ربما في النهاية وهكذا تتماشي الفقرات من يوحنا 7(1-14)مع الفقرات يوحنا(7-25)حتي النهاية
Rudolf Bultmann.(Die Religion in Geschichte und Gegenwart [ed. 3,1959], III 840-1.)
أيضا من أقوي البراهين علي أن هذا الأنجيل لم يكتبه يوحنا هو بطء الكنيسة في قبول هذا الأنجيل فالغلماء لم يستطيعو أن يعتمدو علي ءايريناؤوس في شهادته فجاستن مارتر(يوستينوس الشهيد)وقد كتب في منتصف القرن الثاني الميلادي لم يذكر ولم يشر ءالي الأنجيل وعندما يتكلم عن يوحنا الرسول فأنه لايشير ءالي الأنجيل نفسه مع أنه ينسب ءاليه سفر الرؤيا فيوحنا الرسول هو يوحنا المذكور في سفر الروؤيا 4(9:1) ولكنه ليس يوحنا الأنجيلي كذلك في سنة 165 يقتبس فيلمو الذي من ساردس (عن آلالام المسيح)في عظاته من الأنجيل ولكن دون أن يشير ءالي كاتبه وحتي قائمة المورتوراي لاتعطي تأكيدا قاطعا عن أن يوحنا الرسول هو كاتبه ويقول يوسابيوس أن بابياس يذكر أثنين أسمهما يوحنا الأول الرسول وقد مات والثاني الشيخ وهو حي ويلوح أنه هو الذي كتب الأنجيل (المدخل ءالي العهد الجديد فهيم عزيز ص 551)
من هذه الشواهد كلها يمكن أن نستخلص عدة أمور
1 أنه هو الشخص الذي شهد بهذا وكتب هذا وهذه شهادة الأنجيل نفسه
2 قد يكون هذا الشخص هو يوحنا بن زبدي ولكن هناك صعوبات جمة أمام هذا الرآي أهمها أنه أنسان من أورشليم وليس من الجليل كيوحنا بن زبدي والدليل علي ذلك أنه كان معروفا في بيت رئيس الكهنة ءاذا كان هو نفسه التلميذ الأخر (15:18) ولابد أنه يمتلك بيتا أخذ ءاليه هذا التلميذ العذراء وقت الصلب وبقيت معه يو19(27:26)
3 قد يكون شابا صغيرا من أورشليم ضم نفسه ءالي التلاميذ وقد كان محبوبا نشطا وهذا يظهر من ظهوره المتأخر في الأنجيل
(23:13) وأنه كان صغيرا في السن ءاذ ءاستطاع أن يسبق بطرس في الجري ءالي القبرالخالي (4:20) ولكن من هو لا أحد يعرف
4 نظرا لهذا الغموض فقد ظهرت نظرية تقول ءان التلميذ الذي كان يسوع يحبه هو التلميذ المثالي الذي يمثل التلمذة الحقيقية ولكن لم يكن له وجود حقيقي بين التلاميذ (المدخل ءالي العهد الجديد فهيم عزيز ص 554) هذا بالأضافة ءالي النظرية التي ذكرها الأب متي المسكين في آخر تفسيره لأنجيل يوحنا أن أغلب المفسرين قالو بأن هناك جماعة أو مدرسة كتبت نهاية هذا الأنجيل وهذا سبب في تحاشي البعض تفسير هذه النهاية.
والله من وراء القصد